مقال بتاريخ فبراير 2014
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا سيدي يا رسول الله
يا عظيم الجاه، يا غوث الأكوان، يا منة الرحمن
عُبيد فقير من أمتكم قد مسه الضر من كثرة ذنوبه، وأضناه البعد عنكم بكثرة غفلاته وعيوبه، يسألكم الصفح والعفو والنظرة المباركة. ولولا علم الفقير أن لكل من شهد لله بالوحدانية ولحضرتكم بالرسالة جاه وكرامة عندكم ما تجرأت وكتبت لكم أسألكم الغوث والنظر، ولكن حبك لنا سابق وإن قصرنا، وشوقك لنا موجود من قبل أن يبرزنا الله من العدم إلى الوجود. فالعبد الفقير يسألكم أن تستغفروا الله لي، وتشهدوه رضاكم عني، وتنظروا لنا نظرة تتبدل بها أحوالنا وتستقيم بها أمورنا.
أسألكم وأنا أعلم أنكم أشفق بنا منا، وأرحم بنا منا، وأعطف علينا منا، وأولى بنا منا، ولكنه حكم المحبة يا سيدي، الذي دفع القلب ليُحرك اللسان بالخطاب لأحب الأحباب. وإن كان ما نسأل حاصل بغير سؤال، فيكفينا التودد بمخاطبتكم ،وإن لم يكن لنا نصيب من سماع إجابتكم، ولله در حبيبكم سيدي عمر بن الفارض الذي قال:
"إن لم يكن وصل لديك فعد به أملي *** وماطل إن وعدت ولا تفي
فالمطل منك لدي إن عز الوفا *** يحلو كوصل من حبيبي مسعف"
سيدي رسول الله، أصلي وأسلم عليكم في كل صلاة، وأعلم يقينًا أن صلاتي وسلامي واصلان إليك، فهلا تمن علينا بسماع جميل ردك؟ متى يا سيدي تتلطف علينا برؤية جميل وجهكم الوضاء، الذي أضاءت منه السماوات والأراضين، وأطفئ الشموس والأقمار بجميل سناه؟ وإن كنا يا سيدي محجوبون عنك بكثرة ذنوبنا وتقصيرنا، فأنت الكريم الذي لك عند المولى عز وجل جاه، والذي جعل رضاك سببًا لرضاه، أفلا ترضى عنا ليرضى عنا الله؟
قد كنت يا سيدي أتتبع آثاركم وأشاهد إنعكاس أنواركم في ولدكم سيدي ومولاي محمد أكرم عقيل مظهر، حتى آثر صحبتك علينا، وكيف لا يؤثرها عاقل، وأنا أعلم يقينًا أنه معكم متلذذ بصحبتكم ورؤيتكم. فإن لم يكن يا سيدي في الدنيا وصل فلعلنا نجمع عليكم في دار خير من هذه الدار، وإن كانت قلوبنا قد فارقتنا وذهبت ورائكم.
وكما قال سيدي عمر بن الفارض:
"أخذتم فؤادي وهو بعضي *** فما الذي يضركم إن كان عندكم الكل
نأيتم فغير الدمع لم أرى وافيا *** إلا زفرة من حار نار الهوى تغلو"
ولعلكم يا سيدي، من عظيم كرمكم، ورأفتكم بأمتكم، أن تأذنوا للفقير بزيارتكم قريبًا، فإن صدر الفقير قد أشتاق لهواء المدينة، وعيناه قد اشتاقت لقبتكم الشريفة، وأذناه قد اشتاقت لسماع آذان مسجدكم العظيم، الذي نسمع فيه أنفاس سيدنا بلال مؤذنكم العظيم، أما قلبه فهو معكم أينما كان جسده، وإن كانت صحبة الأحباب لا تطفئ نار شوق ولا تروي عطش المحبة.
ونختم بشعر سيدي عمر بن الفارض:
"وإن اكتفى غيري بطيف خياله *** فأنا الذي بوصاله لن اكتفي"
شارك المحتوي